الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية معطيات جديدة في قضية اغتصاب الاطفال التونسيين، وهل ستكشف هذه الصور الشمسية المستور؟

نشر في  29 جوان 2016  (10:49)

مازالت قضية اغتصاب فرنسي لواحد وأربعين طفلا تونسيا تثير جدلا واسعا في صفوف الرأي العام التونسي خاصّة وأنّه لا وجود لبصمات فعلية رسمية إلى غاية اليوم تثبت تحركا ملموسا للسلطات التونسية لمعالجة هذه المسألة الخطيرة دفاعا عن الضحايا
وما زاد الطين بلّة هو أنّ تقرير الصحيفة الفرنسية «لونوفيل أوبسارفاتور»، التي كانت أول من نشر حيثيات القضية، أشارت في تقريرها إلى أن سيريلانكا هي البلد الوحيد الذي تعاونت أجهزته الأمنية والقضائية مع المحققين الفرنسيين، في حين رفضت كل من تونس ومصر التعامل معهم..
هذه الاتهامات نفتها بشدة وزارة العدل التونسية مؤكدة أن القضاء التونسي كان على علم بحيثيات القضية قبل حتى نشرها في الصحف الفرنسية،  مضيفة على لسان ناطقها الرسمي سفيان السليطي أن مهمة التحقيق أوكلت في القضية إلى الجهة المختصة بتنفيذها أي إلى النيابة العمومية بسوسة. وذلك على اعتبار ما جاء في المعطيات التي أفادت بأنّ أغلب عدد الأطفال التونسيين الضحايا كانوا ينحدرون من هذه المنطقة بعد أن استقر فيها المتهم الأجنبي لفترة معينة..
ونظرا لخطورة المسألة، ارتأت  أخبار الجمهورية في هذا الإطار تسليط الضوء على حيثيات هذه الحادثة ومتابعتها، فكشفت بعض التفاصيل والمعطيات الهامة..

ويذكر أن القضاء الفرنسي أزاح الستار مؤخرا عن قضية أخلاقية تعلّقت بإقدام كهل يبلغ من العمر 52 عاما ويدعى تياري دارنتيار باغتصاب 66 طفلا  (41 تونسياً و6 مصريين و19 طفلاً سيريلانكياً) تتراوح أعمارهم بين 6 و17 سنة وذلك أثناء رحلاته السياحية لهذه البلدان منذ سنة 2002 إلى حدود سنة 2011 مع العلم انه كان مديرا سابقا سابق لدار مسنين كاثوليكية في مدينة فيرساي الفرنسية.
وقضت المحكمة الفرنسية الأربعاء الماضي بسجن هذا المجرم لمدة 16 سنة بتهمة ارتكاب جرائم جنسية بالخارج، حيث اعترف بفعلته المشينة أمام القضاء الفرنسي مشيرا الى انّ علاقاته الجنسية كانت تتم بمقابل مادي يتراوح بين 20 و200 دينار للعلاقة الواحدة..
لكنه لم يستطع تحديد عدد ضحاياه من الأطفال، ولم يستبعد أن يكون العدد أكبر طوال فترة تنقله بين هذه البلدان بهدف السياحة الجنسية طيلة 10 سنوات.

النيابة العمومية على الخط..

تجدر الإشارة إلى انّ الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس، سفيان السليطي، أفاد بأن النيابة العمومية لم تتلق أية شكاية لتقوم بالتحرك في قضية اغتصاب أطفال تونسيين من قبل فرنسي تمت محاكمته أمس بفرنسا، مبينا أن غياب الشكاية مثل عائقا إجرائيا حال دون القيام بالتتبع.
وأوضح السليطي، في تصريح لوات أن الفصل 307 مكرر من مجلة الإجراءات الجزائية ينص على أنه في صورة ارتكاب جناية خارج التراب التونسي ويكون المتضرر فيها تونسيا يمكن للنيابة العمومية التتبع بناء على شكاية.
كما أشار إلى أنه مازالت هناك إمكانية لتحرك النيابة العمومية والقيام بالتتبع في قادم الأيام في صورة تقدم المتضرر أو عائلته بشكاية في الغرض، مبينا في هذا الصدد أن الشكاية تخول لها إجرائيا القيام بالتتبع.

ردود فعل مستنكرة لتصريحات النيابة العمومية..

ومباشرة إثر نشر تصريح الناطق الرسمي باسم النيابة العمومية الذي برّر فيه عدم تحرك الأخيرة بسبب عدم تلقيها لأيّة شكاية في الغرض، تواترت ردود الأفعال المنددة والمستنكرة لهذا التصريح، حيث اعتبرت النائبة بمجلس نواب الشعب بشرى بلحاج حميدة أنّ ما جاء على لسان السليطي غير مقبول حيث انّ النيابة العمومية تبادر في فتح الأبحاث والتحقيقات من تلقاء نفسها خاصة في ما يتعلق بقضايا خطيرة تمس من النظام العام ولها علاقة بالأطفال.
كما أكدت تقديمها لمطلب لرئيس مجلس نواب الشعب لتوجيه سؤال شفاهي لكل من وزير العدل ووزيرة المرأة حول موضوع الأطفال التونسيين ضحايا الاعتداءات الجنسية موضوع المحاكمة التي تمت بفرنسا في 22 جوان..
من جهته دعا المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين، النيابة العمومية إلى ممارسة صلاحياتها في تتبع فرنسي متهم بالاعتداء جنسيا على 41 طفلا تونسيا، وذلك لارتكابه الجريمة بالتراب التونسي وعدم الاكتفاء بتلقي الشكايات من المتضررين.
كما طالب المكتب التنفيذي النيابة العمومية أيضا إلى متابعة أطوار التتبع الذي تقوم به السلطات القضائية الفرنسية، إلى جانب دعوته قاضي الأسرة المختص بالتعهد بعد التعرف وتحديد هويات الأطفال المتضررين من هذه الاعتداءات، بالإحاطة بهم وتفعيل آليات الحماية الإجتماعية والقضائية لفائدتهم بوصفهم «أطفالا مهددين».

مندوب حماية الطفولة على الخط...

وبحثا عن معطيات شافية تفكك أسرار هذه القضية وتزيل اللبس عن طلاسمها، اتصلت أخبار الجمهورية بالمندوب العام لحماية الطفولة مهيار حمادي الذي أكد في بداية مداخلته انّ السلطات القضائية هي من تتكفل بهذه المسألة الخطيرة وتتابعها، مشيرا إلى انّ هذا الأمر ليس من مشمولات الإدارة..
في المقابل أفاد المندوب أنّ مكاتب المندوبية لم تتلق أيّ إشعار في الغرض يثبت تعرّض عدد من الأطفال لاعتداءات جنسية من ذلك القبيل خلال الفترة التي ذكرت في ملف القضية، مشدّدا على انّ مكاتب مندوبية حماية الطفولة لاحظت خلال السنوات الأخيرة تلقي إشعارات خاصة بالاعتداءات الجنسية ضدّ عدد من الأطفال لا تربطهم أيّ صلة بالقضية المذكورة..
كما أشار في ذات السياق إلى انّ مندوبية الطفولة لم تتلق أيّ إشعار من قبل أي عائلة تونسية يفيد بتعرّض أبنائهم لاعتداءات جنسية، كما لم تصلها معطيات تتعلق باستغلال جنسي للأطفال في إطار شبكة دعارة أجنبية أو جنس..  

معطيات هامة تكشفها المحكمة الابتدائية بسوسة..

وفي اتصالنا بعبد الرؤوف اليوسفي المتحدث الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بسوسة، أكّد لنا انه تم توجيه مراسلة متعلقة بالإنابة العدلية الدولية إلى قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بسوسة للنظر في ملف اغتصاب 41 طفلا تونسيا من قبل فرنسي وذلك لاعتبار انّ أغلب هؤلاء الأطفال ينتمون إلى مدينة سوسة وفق ما أثبتته بعض المعطيات الأولية.
كما أشار إلى أن منطلق إقامة المتهم الفرنسي بمدينة سوسة في إطار رحلته السياحية كانت منذ سنة 2001، حيث تمكن خلالها من الإيقاع بضحاياه من الأطفال الذين لم يتأكّد بعد إن كانوا ينتمون إلى أطفال الشوارع أم من وسط اجتماعي مستقر..

 صور شمسية تكشف المستور؟

وأوضح محدّثنا أن قاضي التحقيق بالمكتب الأول بالمحكمة الابتدائية بسوسة هو المتعهد بمتابعة حيثيات هذه القضية، وأنه يعكف حاليا على البحث المتعلق بتحديد هوية الأطفال التونسيين من خلال الصور الشمسية التي أرسلها المحققون الفرنسيون.
كما أكّد اليوسفي أّنه تمّ توجيه تلك الصور إلى الشرطة المعنية بالنظر قصد التعرّف هوية أصحابها من ملامحهم الموجودة بها، مضيفا أن البحث جار للتعرف عليهم بالتنسيق مع القضاء الفرنسي».
من ناحية أخرى وحول استفساره عن تصنيف انتماءات الضحايا الأطفال حسب المدن التونسية، أكّد اليوسفي أن الأبحاث ما زالت جارية مع وجود معطيات مبدئية تؤكد انتماء أغلبهم إلى مدينة سوسة وبعض منهم إلى مدينتي نابل والحمامات...

وكشف اليوسفي في ذات السياقه بأن موضوع القضية التي تم فتحها والبحث فيها تحت اشراف قاضي التحقيق الأول المذكور، تتمثل في "الاعتداء بفعل الفاحشة على طفل سنه دون 18 عاما كاملة دون رضاه والاعتداء على الأخلاق الحميدة بلفت النظر علنا إلى وجود فرصة لارتكاب فجور وذلك بتسجيلات الكترونية طبقا للفصلين 228 و226 ثالثا".

ملف من إعداد: منارة تليجاني